قـال سيبويـه - - في " الكتاب " ( 3/151، 152 ):
( فـأَنْ [ مفتوحـةً ] تكون على وجـوه:
فأحـدُها: أنْ تكونَ فيـه " أنْ " وما تعمل فيـه من الأفعال بمنزلةِ مصادرهـا.
والآخَر: أنْ تكون فيـه بمنزلةِ " أيْ ".
ووجـهٌ آخر: تكون فيـه لغـوًا.
ووجـه آخر هي فيـه مُخفَّفـة من الثَّقيلـة ) انتهى.
فسيبويـه -- ذَكَر لـ " أنْ " أربعـة أنواع:
فقولـه: ( أنْ تكونَ فيـه " أنْ " وما تعمل فيـه من الأفعال بمنزلةِ مصادرهـا ):
يقصـد بذلك: " أن " المصدريَّة الناصبـة للمضارع.
وقولـه: ( أنْ تكون فيـه بمنزلةِ " أيْ " ):
يقصـد بذلك: " أن " المفسِّـرة.
وقولـه: ( ووجـهٌ آخر: تكون فيـه لغـوًا ):
يقصـد بذلك: " أن " الزَّائـدة.
وذَكَر - أخيرًا - النَّوع الرَّابـع في قولـه: ( ووجـه آخر هي فيـه مُخفَّفـة من الثَّقيلـة ).
1 / " أن " المصدريَّة الناصبة للمضارع
سُمِّيَتْ مَصْدَرِيَّـةً؛ لأنَّهـا تُؤوَّلُ مع ما بعدهـا بمصدر؛ فَتُسْبَكُ مَعَ الجملـة الفعليَّـة - المُضارعيَّـة وغير المُضارِعيَّـة - الَّتي تدخـل عليها سبكًا خاصًّـا يُؤدِّي إلى إيجـادِ مصـدرٍ مُؤوَّل يُغنـي عن " أنْ " وما دَخَلَتْ عليـه.
وتَقَـع في موضعيـن:
أحـدهما:
فـي الابتـداء؛ فتكـون في موضع رفـعٍ، نحو قوله : وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَّكُمْ .
فالمصدر المُؤوَّل مِن " أنْ " والفِعْل: مبتـدأ مرفوع، والتقديـر: وصَوْمُكُم خيرٌ لَكُمْ.
ونحـو قولـه : وأَن تَصْبِرُوا خيرٌ لَّكُمْ ، وقولـه : وأن تَعْفُوا أقْرَبُ للتَّقـوى .
الموضـع الثَّاني:
أنْ تَقَع بعـد لفظٍ دالٍّ على معنـى غير اليقيـن، فتكون:
- في موضع رَفْعٍ، نحـو قوله : ألَمْ يَأنِ لِلَّذينَ آمَنُوا أن تَخْشَعَ قلوبُهُم
فالمصدر المؤوَّل من " أنْ " والفعْل: فاعـل مرفـوع.
- وفي موضع نصـبٍ، نحـو قوله : وَمَا كَانَ هـذا القُرآنُ أن يُفْتَرَى
فالمصدر المؤوَّل من " أنْ " والفعْل: خبر " كان " منصوب.
- وفي موضـع جرٍّ، نحـو قوله : أُوذِينَـا مِن قَبْلِ أن تأتِيَـنَا
فالمصدر المؤوَّل من " أنْ " والفعْل: مضـاف إليـه مجرور.
و" أنْ " هـذه موصـولٌ حرفيٌّ، وتُوصَـلُ بالفعلِ المُتصرِّف:
مُضارعًا كانَ - كمـا مرَّ -.
أو ماضيًـا، نحو قوله : لَوْلا أن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنـا .
أو أمـرًا، كحكايـة سيبويـه: " كَتَبتُ إليـه بِأنْ قُـمْ ".
وإذا دَخَلَتْ " أنْ " على المُضارِعِ؛ نَصَبَتْـه وجوبًا، وخلَّصَتْ زَمَنـه للاستقبال.
ولأصـالتِها في النَّصب؛ تَعمل ظاهرةً ومُضمرةً، بخلافِ بقيـَّة النَّواصب؛ فلا تعمـل إلاَّ ظاهـرة.
المراجـع:
- " مغنـي اللَّبيب "، لابن هشـام الأنصـاريِّ.
- " شـرح قطر النَّـدى "، لابن هشـام الأنصـاريِّ.
- " النَّحـو الوافـي "، لعبَّاس حسـن.
يتبع /....
ــــــــــــــــ